في الزحام

| في انتظار النهاية |

لعل أكثر الأشياء ألمًا في تلك الحياة؛ هو " الفراق "، وبما أنني فارقت الكثير من الأشخاص والأشياء، تعودت عليه، ووجدت أن الفراق رغم صعوبته هو سنة من سنن الحياة التي لابد ان تحدث، لابد ان يأتي وإن طال غيابه، تعودت على الفراق بكل آلامه الطاغية التي تعتصر ذاتي في كل مرة، وبدرجات مختلفة من الألم، تلك الدرجات التي تزداد حدتها وشدتها وقوتها في كل مرة، فقلبي الذي كان صغيراً، شاباً، صارَ كبيراً، عجوزاً، لا يتحمل مثل تلك الالام المُبرحة التي تأتي في مهمة واحدة، وهي القضاء على ذاك الضوء الصغير من الأمل والسعادة، أو ما تبقى من ذاك الضوء الخافت، الذي أوشك على الاختفاء نهائياً، بلا عودة.

فهناك في قلبي، ذاك المكان الذي أصبح مهجوراً، لا يسكنه أحد سوى أشباح الذكريات واليأس المقيت، وتلك الأحزان التي ترفض أن تتركني، مسببةً تلك الأوجاع التي تفترس نبضات قلبي وتنهشه، كوحوش قصص الرعب التي تفتك بضحاياها، وما كنت في هذه الحياة إلا ضحية كبيرة لكل أصناف الأحزان، والالام بدرجات شدتها المختلفة، والأوجاع المهيمنة وصاحبة الصوت الأقوى في قلبي!

في كل القصص التي عشتها، وكل الأحداث التي مررت بها، دائماً ما أنتظر النهاية لها، وتنتهي بالفعل كما انتظرت!

تعودت أن أشعر بالنهايات قبل حدوثها، وتعودت أن أنتظر النهاية لكل الأشياء، وكل الأحداث، وكل القصص.

وأكثر الأسباب في حدوث وتحقق ما أشعر وما أتنبأ به، مروري بتلك التجارب القاسية، وذاك الحظ الذي أعرفه ولا يفارقني في كل الأمور التي تحدث معي، فكانت النتيجة انني تعودت على انتظار النهاية لكل ما يبدأ في حياتي، فكل بداية تأتي معها نهاية، رغم اختلاف النهايات، فالنهايات السعيدة التي لا أتذكرها لأنها لا تُذكر لندرتها، والنهايات التعيسة تلك النهايات التي انتظرها خائفاً، مرعوباً احياناً، لأن في تلك النهايات، بدايات لشتى الالام والأوجاع، ومع الانتظار اتحلى احياناً " ببعض الأمل " الذي أخاف عليه كثيراً من الزوال والاندثار، فلا يبقى لي شيئاً من بعده، فتنتهي قصة وتبدأ أخرى، وتنتهي أشياء وتبدأ غيرها، وفي كل مرة أبدأ قصة، أنتظر ومعي بقايا من ضوءٍ خافت، عسى ان يسطع فيُضيء ظُلمات حياتي، ولكني دائماً في انتظار النهاية.

إبراهيم سعيد

Ibrahim Said