دائماً ما تكون الحقيقة عبئاً ثقيل، وشيئاً لا يَرغب الإنسان في مواجهته في أغلب الأحيان، وفي أغلب الأحيان نميل دائماً إلى نُكران الحقيقة، فالحقيقة كما يُقال مُرة.
ومن أكثر الحقائق التي دائماً يُنكرها الإنسان، أنهُ ورغم ما وصل وما يصل إليه من قوة وذكاء الا انه في النهاية مخلوق ضعيف وفي أغلب الأحيان يكون من أغبي المخلوقات!
ومن أكثر الأمثلة التي تدُل على هذا الكلام هي قصة فرعون، عندما ظن أنه إلهاً للناس من دون الله تعالى، فقد وصل به الغرور بقوته وطغيانه إلى الكفر بالله تعالى، ووصل به التفكير إلى مرحلة تفوق الغباء، وهي غياب العقل وسلوك التفكير إلى مسار عكسي، فبدلاً من شكر الله على أنعُمه الكثيرة ومنها العقل.
صور له عقله أنه أعلى من غيره من البشر بل إنه إلهاً لهم والعياذُ بالله، فغرور الإنسان وضلال التفكير يُمكن أن يصلا به إلى أن يكون أغبى المخلوقات.
وهل في التاريخ من وصل به الثراء مثل قارون؟ هل نفعه ذلك المال في شيء؟.
تلك الكنوز والأموال التي كان يتباهى بها بين الناس ظناً منه أن بأمواله وكنوزه صار أعلى من غيره من البشر.
لقد خلق الله الإنسان وأعطاه كثيراً من النعم ومن أهم تلك النعم، نعمة (العقل) والذي من المفترض أن يتأمل به ويفكر في قدرة الله تعالى، وأن يبتكر ويُبدع ويصنع ما يساعده في الحياة ويساعد غيره من الناس، ولكن للأسف الشديد ما وصلنا إليه الآن عكس ذلك!.
فأكثر ما يفكر فيه الإنسان ويُبدع فيه، هو أن يصير أقوى من غيره من البشر بل ووصل به الحال ان يحاول بعض الأغبياء من البشر استنساخ الإنسان في محاولة غبية وغير مقبولة منهم، صنع الإنسان والعياذُ بالله.
ومنهم من يفكر في أسرار الخلود ومنهم من يفكر في صنع الأسلحة المُدمرة التي من خلالها يُمكنهُ السيطرة وإثبات قوته على غيره من بني جنسه من البشر، ومنهم من يُطيح بغيره بلا شفقةٍ أو رحمة.
أصبح الإنسان لا يعي عاقبة التفكير المنحرف عن المسار الصحيح، فمهما وصل التفكير بالإنسان سيظل إنسان ولن يتعدى كونه مخلوق من صنع الله عز وجل، مخلوق ضعيف له عمر معين ويموت بعده ثم يُحاسب على هذا العمر وهذه الحياة التي عاشَها بخيرها وبشرها.
أصبح الإنسان للأسف عبارة عن ألة مُخزن داخلها حسابات وأرقام يتنفس من خلالها ويحاول باستماتة زيادتها بأي طريقةٍ كانت، بالقتل والسرقة والنهب وأخذ ما ليس من حقه، فالمهم هو أن يكون أغنى وأقوى، يهابهُ الجميع ولا يهاب هو أحدّ، لا يهاب حتى خالقه! ولا يعترف بأي ذنب، وهذا الأدهى والأَمرّ، فلم يعد للضمير والرحمة والإحساس أي مكان داخلهُ، كل ما داخله فراغ مليئ بالظلام والشر ونُكران الحقيقة، هذه هي الحقيقة.
فبأي منطق يُفكر الإنسان؟!
إبراهيم سعيد
Ibrahim Said