إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الذنب الكبير

الذنب الكبير

حجم الخط

| الذنب الكبير |




ماذا أفعل في هذه المُصيبة التي أعيشها، هذه الكارثة التي لا مثيل لها، فضميري يقتُلني من أجلِها ومن أجل هَذا الإبن الضائع الذي لا هَويةَ لَهُ.

هذه الفتاة التي عندما رأيتها أول مرة جذبني كل ما فيها ، نظراتها وابتسامتها هذه الفتاة التي جاءت إلى شركتي تبحث عن عمل وعندما رأيتها أحسست بأني أعرفها منذ زمن وهي كذلك رغم هذا الفارق الكبير في السن بيني وبينها

هذه الفتاة التي كنت أرفرف من السعادة عندما أراها أمامي ورغم أن الفارق بيني وبينها أكثر من عشرون عاماً تقربت منها وهي كذلك حتى أصبحنا لا نطيق فراق بعضنا البعض ومر أقل من أربعة أشهر على هذه العلاقة وكنت قد عينتها سكرتيرة مكتبي بعد فترة من التدريب.


كنت دائماً أحكي معها عن مشاكلي الخاصة وهي تسمعني بإنصات تام وقصصت عليها قصتي في الحياة ولم أخفي عنها أي شيء حتى زواجي لأكثر من مرة فقد تزوجت أربع مرات ولكني لم أجد مع أياً منهن سعادتي، وفي الحقيقه كنت أجدها نعم الصديق والمستمع لمشاكلي وهمومي بلا إنها كانت هي الحل الوحيد والإجابة الأسرع لإزالة حزني وهمومي ومشاكلي.

وتوطدت علاقتي بها أكثر وأكثر حتى وصلت لدرجة أنني لا أطيق صبراً على فراقها حتى ولو لعدة دقائق هل هذا هو الحب الذي انتظرته طيلة حياتي أجده في هذا السن ومع هذه الفتاة الصغيرة التي تصغرني بعشرين عاماً.

وقررت بعد تفكيراً طويلاً وبعد أن عرفت أني لا أستطيع الاستغناء عنها أن أتزوجها وفعلاً قمت بعرض الأمر عليها وكان ردها بالموافقة وقد كانت هذه الفتاة يتيمة الأب والأم وليس لها أخوة ،وحيدة في الحياة فقد قصت علي قصتها أن والدتها قد توفت وهي تلدها ووالدها توفى منذ عام.


وتم الأمر وتزوجنا ونحن في قمة السعادة رغم فارق العمر، هذا الفارق الذي أرقني ليالي كثيرة قبل زواجي بها ولكن ما أراحني هو عندما عرضت عليها الأمر قالت أنها تبادلني نفس الشعور ولا يهمها فارق العمر فهي تبحث عن الحب وقد وجدته هذا الكلام الذي جعلني في أشد حالات السعادة.

تزوجنا وبعد زواجنا تركت العمل في الشركة وتفرغت للمنزل وهي سعيدة راضية بهذا الأمر

وجاء هذا اليوم عندما قالت لي ؟ أنها حامل

فشعرت بأني طائراً يرفرف بجناحيه في السماء من شدة السعادة

وبعد تسعة أشهر أنجبت طفلاً جميلاً وكنت في غاية السعادة وهي كذلك ورأيت في هذا الطفل شيئاً غريب شعرت أني رأيته قبل الآن

وكيف ذلك وأنا لم أراه من قبل، فمنذ دقائق فقط ولد هذا الطفل

أخذتني الحيرة كثيراً وتناسيت الموضوع واحتفلنا احتفالاً كبيراً بهذا المولود

ومنذ أن وُلد هذا الطفل لم أكن أستطيع النوم دون أن يأخذني التفكير في هذا الوجه الذي أراه في هذا الطفل ومرت أياماً وليال وأنا على هذا الوضع ولاحظت زوجتي هذا الأمر

وجاءت ليلة وجلسنا نتكلم فقالت لي: 

ما بك ؟ أشعر أن هناك أمراً يعكر عليك صفوك؟

كانت تشعر بي في كل شيء وكنت أحكي لها كل ما أشعر به من هم وحزن ولكن في هذا الأمر لم أدري لماذا قلت لها؟ لا شيء؟

لماذا أخفيت عنها هذه الحيرة التي تراودني منذ ولادة هذا الطفل، هذا الهم والاكتئاب والحزن العميق الذي أشعر به ولا أجد مبرراً أو سبباً مقنع له

حتى فكرت في أن نذهب في رحلة إلى مكان أخر نستجم فيه فمنذ مدة كبيرة وأنا لم أاخذ أي أجازة من العمل وتصورت بأن هذا هو السبب ولكن هيهات فبعد ذهابي إلى هناك حيث البحر والنسيم المنعش هذا المكان الذي تعودت أن أذهب إليه كل فتره لأرتاح قليلاً من هموم الحياة

وجدت هذا الهم يزداد أكثر لا أدري لماذا


وفي اليوم التالي ذهبت إلى هذه الصخرة الكبيرة الموجودة على الشاطئ وفجأه تذكرت شريط العمر بالكامل وما دار فيه من أحداث ومن بين هذه الذكريات هموم وأحزان وأفراح ، تذكرت زوجاتي السابقات ومن بينهن هذه المرأه التي كانت زوجتي الأولى والتي لم يدم زواجنا سوى ثلاثة أشهر وافترقنا حيث أننا كنا مختلفين في كل شيء وكان الطلاق قراراً منا نحن الأثنيين ، وبعد أن افترقنا ذهبت إلى الخارج وقضيت هناك حوالي 5 سنوات

وفي هذه اللحظة أتت زوجتي تحتضنني من الخلف ومعها الطفل واذدادت دهشتي وحيرتي عندما لاحظت هذا الشبه الكبير بين هذا الطفل وبين زوجتي الأولى هذا الوجه الذي عندما رأيته أول مرة اعتصرتني الحيرة إلى من يشبه لأجده يشبه زوجتي الأولى ما هذا الذي يحدث لي ؟ لا أعرف

وقلت في نفسي " يخلق من الشبه أربعين " ولكن لم يهدأ لي بال

وحدثتني زوجتي وقالت: ما بك يا حبيبي أهناك ما يشغل بالك ؟

ففكرت أن أحكي لها ما يحيرني، ولكن فكرت أن هذا الأمر سيثير حزنها وغيرتها

وبينما أنا أفكر في نفسي في هذا الأمر

وجدتها تقول: " شوف أبننا قد إيه جميل يشبه جدته الخالق الناطق "

فخفق قلبي خفقاناً كبير وقلت لها: ماذا قلتي ؟

فقالت: أنه يشبه جدته جداً

فخفق قلبي أكثر " يا الله أيعقل أن تكون ابنة زوجتي السابقة " ولكن كيف. فاسم والدتها يختلف عن اسم زوجتي

فسألتها بلهفة: أكان لوالدتك اسماً أخر

فقالت: نعم

فقلت لها: أتملكين صوراً لها

فقالت: نعم

فقلت لها: أتسمحي لي أن أراها ؟

فقالت: هي سأريك أياها فهي معي في الفيلا هناك وذهبت معها وقدماي ثقيلتين عليا وقلبي يكاد يختنق .

ووصلنا إلى الفيلا ودخلنا وأحضرت هي الصور وهي سعيدة وتقول : أنظر هذه هي والدتي ما رأيك في هذا الشبه الكبير بين أبننا وبين والدتي

ونظرت إلى الصور لأجدها زوجتي الأولى فعلاً وتدور الدنيا بي للحظات ويخنقني الصمت وهي تنظر إلى وأنا أنظر إلى الصور

وهي تقول لي: ما بك ماذا حدث أأتصل بالطبيب ؟

فقلت لها: لا شيء أنه مجرد صداع بسيط

فأخذت بيدي وفي حضنها طفلنا وقالت أجلس هنا سأحضر لك شيئاً للصداع

وأجلستني على الكرسي وبجواري طفلي وأمامي صور زوجتي الأولى وأحضرت لي عصير وعلاج للصداع

وأخفيت في قلبي ما أشعر به من حزن يكاد يخنقني هذا الهم الثقيل الذي لا أعرف له أي علاج ومر حوالي شهراً وأنا لا يغمض لي جفن واتخذت قراري أن أغلق هذا الموضوع ولا أعرفها أي شيء عنه .

وجاء هذا اليوم حيث حدثتني عن أن خالتها التي تعيش بالخارج والتي لم تستطع أن تحضر حفل زواجنا ستأتي إلى مصر بعد يومين فقد اتصلت بها وأخبرتها بذلك .

وفعلاً بعد يومين ذهبنا لاستقبال خالتها الصغرى وأنا أمسك قلبي بيدي خوفاً من أن تعرفني وقد حاولت أن أتحجج بأي سبب حتى لا أقابلها فلم أجد أي سبباً مقنع وقلت في نفسي لقد مر كثيراً من الأعوام ولن تتذكرني .

وعندما قابلنا خالتها لم تتذكرني حيث أن زواجي بأختها لم يدم إلا لـ3 أشهر فقط

وذهبنا إلى المنزل ومعنا خالتها وكانت تنظر إلى من حيناً إلى أخر وكنت أعتصر خوفاً أن تتعرف علي وتقول لزوجتي أنني كنت زوج أمها السابق

وفي اليوم التالي جلسنا أنا وخالتها ومعنا الطفل وذهبت هي تحضر الطعام وبقينا نتكلم أنا وخالتها وفي وسط الكلام قالت لي :ـ أشعر أني رأيتك من قبل فابتسمت وأنا أخفي خوفي وقلت لها :ـ " يخلق من الشبه اربعين " فقالت لا أدري ولكني أشعر أننا تقابلنا قبل الآن وحملت الطفل بين زراعيها وهي تقول " سبحان الله الخالق الناطق أختي " أتعرف لقد عانت أختي كثيراً فقد تزوجت....... فقاطعتها وقلت لها هيا لنذهب لنرا الحديقة ونهضت من مكاني فنهضت هي الأخرى وهي تنظر إلي ومعها الطفل واقتربت منها كي أأخذ الطفل وبينما تحمل الطفل وتعطيه لي نظرت إلى وفجأة صرخت وقالت هل هذا أنت .. أنت .. أنت وأغمي عليها وسقطت على الأرض فناديت زوجتي واتصلت بالطبيب وأتى الطبيب وطمأننا عليها وقال أنها تحتاج إلى بعض الراحة وبينما يحدثنا الطبيب كان الطفل يصرخ

فقلت لها: اذهبي إلى الطفل وأنا سأوصل الدكتور إلى الخارج وفعلاً أوصلت الطبيب إلى الخارج ورجعت إلى الغرفة التي تنام فيها خالتها وجلست بجوارها بعض الوقت واستيقظت هي ونظرت إلي وهي تبكي وفي حالة من الحزن الشديد

فقلت لها اهدأي أنا لم أكن أعرف أنها ابنتها...... فقاطعتني قائلة: أنت لا تعرف شيء أي شيء فتابعت حديثي وأنا أقول أقسم لكِ أنني لم أكن أعرف بأنها ابنتها كيف لي أن أعرف أن زوجتي السابقة قد تزوجت غيري وأنجبت منه هذه المرأة التي أحببتها وتزوجتها

فنظرت إلى وهي تبكي بشده وتقول " إنها ابنتك أنت وليست ابنة زوجها الثاني "

فخيم الصمت على المكان وارتعش جسدي كله من رأسي حتى قدماي وزاغت عيني في الأعلى وفي الأسفل ووجدت الدنيا أظلمت من حولي وسقطت على الأرض من هول المفاجأة واستيقظت لأجد نفسي على فراشي وتجلس بجواري على السرير هذه الفتاة التي أحببتها وتزوجت منها وهي تحمل بين زراعيها هذا الطفل البائس وأمامي تجلس خالتها وهي تنظر إلى وعينيها تفيض من الدمع وكذلك زوجتي ولكن كل واحدة منهن تبكي لسبب فهي تبكي عليا كحبيب وزوج وأب لطفلها الوحيد والأخرى تبكي لهول ما حدث فابنتي هي زوجتي وابني هو حفيدي "يا الله ما هذا الذي يحدث هل أنا في كابوس أرجو أن أكون كذلك وأن كل ما يحدث ليس حقيقة"

" كيف حالك الآن يا حبيبي " هذه هي الكلمة التي تنطقها وهي تمسك بيديا الباردتين كم كانت تشعرني هذه الكلمة بالسعادة والآن ينتفض قلبي منها حزناً وهما وعذاب ما كان مني عندما سمعت هذه الكلمة إلا أن جلست في فراشي وسحبت يدي من يدها وأن أبكي فاقتربت مني لتحضنني فقلت لها كفى أخرجي الآن واتركيني

فقالت: ما بك ماذا حدث أفعلت شيئاً أغضبك لماذا تقسوا عليا هكذا

فبكيت أكثر وأنا أقول آنا آسف ولكن اتركيني الآن مع خالتك أرجوكِ فذهبت وهي تبكي بشدة

وكم يعتصرني الحزن من دموعها ومن هول ما أعيشه

واقتربت خالتها مني: فقلت لها أرجوكِ أريحيني وقولي إنها ليست ابنتي

فأمالت بوجهها وهي تبكي بشده

فصرخت فيها: ردي علي أرجوكِ

فرفعت رأسها وهي تقول :ـ لقد بحثنا عنك كثيراً بعد أن أفترقت أنت ووالدتها ولكننا لم نجدك وعرفنا أنك سافرت إلى الخارج وقد حاولنا بشتى الطرق أن نبلغك بهذا الخبر ولكن لم تفلح جميع محاولاتنا ونحن نعرف إنك بدون صديق أو أهل أو أقارب وتعرفت والدتها على شخص كان صديقاً لها وكان يكن لها كل حب واحترام فتزوجها وظنت أنك لن تعود مرة أخرى فأوصت زوجها وهي تلدها بعد أن أحست أنها ستفارق الحياة أن يهتم بابنتها من بعدها وأن يسجلها باسمه حتى لا تشعر في يوماً من الأيام بأنها بدون أب أو أم وفعلاً قدر الله أن تتوفى بعد الولادة بعدة دقائق وقام زوجها بتسجيل ابنتك على اسمه كما وصته قبل وفاتها وكبرت وتربت على أنها ابنة هذا الرجل هذه هي الحقيقة

فنظرت إليها وأنا أبكي وأقول: ماذا أفعل، ماذا أفعل يا ألله ؟ وهي تبكي أمامي

هل لم يكن لدي أي إحساس بأنها ابنتي كيف أحببتها هذا الحب كحبيبة وليست إبنتي هل ليس لدي قلب لأشعر بشعور الأب هذا ما أنا سوى رجلاً بدون قلب أو إحساس ، ليتني أموت وأرتاح من هذا العذاب والهم الذي أشعر به ليتني أموت ولا أراها ثانية ،كيف سأنظر إليها وأعُاملها وبأي إحساس ـ إحساس الزوج المحب لزوجته ، أم إحساس الأب لابنته كيف سأنظر لهذا الطفل وبأي أحساس أعُامله ، إحساس الأب لابنه أم إحساس الجد لحفيده، يا ألله

ها أنا لا أشعر بأي شيئاً حولي سوى الألم والحزن، تقويني نار الضمير، يقتلني إحساسي ينفطر قلبي ولا يموت

ما بين الحياة والموت هذا هو أنا وهذا هو إحساسي لا أنا حي ولا أنا ميت، شعوراً لا وصف له

ماذا أفعل في هذه المصيبة، هذا الكابوس الذي لا خروج منه ولا إفاقة ؟

هذا هو السؤال الذي أردده ولا أجد إجابة له.

وبينما أتكلم وأنا في حيرتي وشتاتي إذ سمعنا صوت صرخة وشيئاً يسقط على الأرض وخرجت مسرعاً إلى خارج الغرفة أنا وخالتها لأجد الطفل قد سقط منها على الأرض فأسرعت إليه واقتربت منه فوجدته لا يحرك ساكناً فأسرعت إلى الهاتف واتصلت بالطبيب وأنا محطم فأتي الطبيب وكانت كلماته كالصاعقة فوق رأسي كانت الدنيا ظلاماً أمامي وهو يقول : " آسف يا سيدي لقد توفي الطفل ، البقاء لله " وعندما سمعت هي هذا الكلام ظلت تصرخ بأعلى صوتها وبعدها سقطت على الأرض مغمى عليها وتمالكت نفسي وحملتها والطبيب وخالتها خلفي ووضعتها على الفراش وأعطاها الطبيب مهدئ وقال لي : يجب أن ترتاح فحالتها صعبة ويجب أن تهيئوا لها سبل الراحة حتى تتخطى هذه المرحلة الصعبة.

وجلست بجوارها خالتها وهي تبكي على هذه الأحداث المؤسفة والمتوالية علينا ، وخرجت أنا أجلس بالخارج وما بين صدماتي المتوالية جلست أفكر في كل حياتي وذنوبي هل أنا أستحق ما يحدث لي ؟ هل فعلت ما يغضب الله لأعاقب بهذا العقاب الكبير لأقترف هذا الذنب الكبير " لأحب ابنتي حب الحبيبة وأتزوجها وفوق ذلك أنجب منها هذه الفكرة التي لا أتخيلها مطلقاً وفي حالة صدمة منها حتى الآن وأتمالك نفسي بعض الدقائق وأقول " لكني لم أكن أعرف أنها ابنتي " ثم أعود مرة أخرى إلى عذابي وآلامي وشتات ذهني واختناق قلبي وأقول " ألم يعطني الله قلباً وإحساساً لأشعر بأنها ابنتي بدلاً من أن أعشقها وأرتكب خطيئتي " وهذا الطفل المسكين الذي لم يبقي في الحياة كثيراً لقد مات بسببي أنا وبرحمة من الله فكيف كان سيعيش في هذه الدنيا وهذه الحياة الصعبة ، كيف كان سيتقبله المجتمع ، لقد حزنت لفراقه كثيراً فقد كنت أبني كثيراً من الأحلام عليه فهو ووالدته ما جعل للحياة معنى بالنسبة لي ولكن كل هذا قبل أن أعرف الحقيقة المرة ، وأرجع وأقول " لقد رحمه الله وكان خيراً له أن توفاه الله " ولكن ما ذنب هذه المسكينة التي بالداخل، ما ذنبها أن تعيش هذه التعاسة والحزن والآلام المميتة ما ذنبها أن تشعر بالذنب لفقدان ابنها وهي لا تعرف أن الله قد أراحه من عذاب الدنيا ، يا الله اللهم لا رد لقضائك يا رب العالمين ".


وبقيت على هذه الحالة وأنا لا أعرف ما يخبئه القدر ومرت أيام وحالتها لا تتحسن بل بالعكس تسوء أكثر وبقيت معها أنا وخالتها وعندما تستيقظ تبكي بشده وهي تقول أين طفلي ، أين طفلي

لقد مات بسببي لقد قتلت طفلي وأجدها تمسك بيدي وهي تقول حبيبي سامحني لقد قتلت طفلنا ولكني لم أكن أقصد لقد سقط مني وهي تبكي بشده وتزيد في البكاء

فأقول في نفسي: سامحيني أنتي يا ابنتي فلم أكن أعرف ، ثم أقول لها : اهدئي أنتي وارتاحي لقد كان قضاء الله ولتصبري فأنتي مؤمنة وأنتي عندي أهم من أي شيئاً أخر فتماسكي يا حبيبتي وكوني بجواري ، كوني بجانبي كما كنتي دائماً، فتهدئ قليلاً فتضغط على يدي أكثر وتقربها من فمها وتبوسها بقوة يا ألله كما يفطر قلبي أن تشعر هي بأني حبيبها وأنا والدها ما هذا العقاب

ظلت هكذا أياماً حتى ساءت حالتها أكثر وجاء هذا اليوم الكئيب يوم الصدمة الكبيرة حين جلست بجانبها على الفراش ووجدتها تمسك بيدي وهي تقول: أحبك جداً أكثر من مجرد حب حبيبة لحبيب أو زوجة محبة لزوجها أن ما أشعر به أستغربه ولكني أحبك كثيراً يا حبيبي قالت هذه الكلمات وهي تبكي وبكيت على بكائها وكلماتها هذه وقلبي يختنق من الألم وأحمل بين ضلوعي هذا الحمل الثقيل الذي لا أستطيع البوح به كم كنت أشعر بارتياح وطمأنينة عندما كنت أحكي معها عن آلمي وحزني واكتئابي وكانت كلماتها بمثابة العلاج بالنسبة لي أما الآن لا أستطيع حتى أن أنطق بكلمة واحدة لها فهذه الحقيقة بمثابة رصاصة أطلقها على قلبها ، جلست بجانبها أبكي من إحساسي بها وبتأنيب الضمير على شيء لم أكن أعرفه وبينما تمسك بيدي وجدتها تقول أشعر أن الموت قد اقترب وما أسعدني أن أموت وأنت بجانبي ما أسعدني أن أجد أن أخر ما تراه عينيا هي أنت أحبـــــك، وأنا أنصت إلى هذه الكلمات وجدت نفسي أبكي بشده وأنا أقول لها أنا بجانبك دائماً وسأظل معكِ دائماً فلا تفارقيني ولا تقولي مثل هذه الكلمات حتى لا تقتليني.

فرددت قائلة: كيف أقتلك يا حبيبي وأنت حياتي ونور عيني وسبب سعادتي في الحياة، كيف أقتلك وأنت كل ما لي في هذه الدنيا حتى وأنا في لحظاتي الأخيرة يكفيني أن أراك أمامي، أوصيك يا حبيبي خيراً بنفسك وأوصيك أن تتذكرني دائماً ولا تنساني، وفجأة تركت يدي تركتني وتركت الدنيا كلها، فصرخت صرخة من داخلي عليها صرخة تحمل هذا العذاب الذي لا حدود له.

إنهارت كل ملامحي وسقطت كل أحلامي إنتهت حياتي بانتهاء حياتها وبقيت وحدي في الحياة ومعي هذا الكم الهائل من العذاب، هذا الجحيم.

أهذه هي النهاية، أعيش وحدي أعاني من هذا العذاب، أتجرع هذا الألم كل يوم وكل ليلة حتى أني لم أُرح ضميري وأقول لها الحقيقة التي تقتلني، أهذه رحمة من الله بها أيضاً.
قد رحمهم الله وأبقاني وحيداً في الدنيا على هذا الحال "اللهم لا رد لقضائك يا الله، اللهم الطف بي وارحمني من هذا العذاب ".



قصة بقلم؛ 
إبراهيم سعيد
Ibrahim Said
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق