إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية بين قبرين

بين قبرين

حجم الخط

ماذا يحدث من حولي وما الذي جاء بي الى هذا المكان، فلا شيء أمامي سوى ظلام الليل الذي لا أرى منه شيئاً سوى الخوف والوحدة، كيف أتيت إلى هذا المكان؟!

لا أتذكر شيئاً !! ولكن لحظة ما هذا الضوء الذي أراه هناك !! سأمضي إلى هناك لأرى ما هذا الضوء .


سأقترب أكثر، ولكن ما هذا الصوت الذي أسمعه ؟؟

من هناك، من هناك ؟!!

ـ اقترب لكي تراني أنا هنا على بعد خطوات منك ؟

ـ من أنت ؟

ـ أنا أمامك اقترب


ـ من أنت ،،، يا ألهي وكأنني أنظر في مرآة !! لما تشبهني إلى هذه الدرجة ؟!


ـ اجلس هنا وستعرف كل شيء ولكن أتعرف ما هذا المكان ؟


ـ لا لا أعرف ، أنني لا أرى شيء سوى الظلام هنا حتى رأيت هذا الضوء فتحركت نحوه حتى وصلت إليك هنا .


ـ انظر ودقق النظر


ـ ماذا ؟
ـ انظر جيداً لما يحيط بك .


ـ انني لا أرى شيئاً، لحظة ! أهذه قبور ولكن كيف وصلت إلى هذا المكان وما الذي جاء بك إلى هذا المكان أنت أيضاً، ولمن هذين القبرين؟


ـ هذين القبرين هما قبري والدينا، ألا تتذكر هذين القبرين؟ على يمينك هذا قبر أبينا وقبر أمنا .


ـ ماذا، وكيف يعقل هذا ولما تقول أبينا وأمنا؟ انه قبري أبي وأمي؟


ـ انهم أبي وأمي أيضاً، فنحن أخوة توأمين لهذا أشبهك في كل شيء


ـ كيف ذلك ليس لي أخوة ؟ وحتى لو صدقت هذا الكلام، اشرح لي أين كنت طوال هذه السنين ولما تأتي الآن وتقول ذلك بعد هذا العمر وكيف اتيت إلى هنا ، في هذا المكان المظلم الذي لا يوجد به سوى الموت .


ـ لا تتعجل الأمور يا أخي ، سأشرح لك كل شيء، لقد جئت إلى هذا المكان مثلك فقد سمعت نداء من هذا المكان ، سمعت هذا الصوت إنه صوت أبينا وأمنا ، سمعتهم وجذبني صوتهم حتى وصلت إلى هنا وكانا هنا منذ لحظات قبل مجيئك يتحدثون معي .


ـ ماذا، ماذا تقول هل جننت لقد ماتا منذ سنين ونحن أمام قبريهم الآن ، اذن كيف تقول انهم تكلموا معك منذ لحظات ؟ ! ـ هذا ما حدث .


ـ انا لا اجد أحدا ً هنا سأذهب فأنا لا أصدق هذا الكلام الذي تتفوه به


ـ بني انتظر نحن هنا


ـ ماذا من أنتم ،،، من أنتم ؟


ـ لا تخف يا بني نحن ابيك وأمك


ـ أبي وأمي ! كيف ذلك !


ـ اقترب يا بني ، تعالى هنا ، اقترب أكثر ... هل تصدقنا الآن ؟


ـ يا آلهي، أبي، أمي اشتقت لكم كثيراً، لماذا تركتموني وحدي في هذا العالم الكئيب، البغيض يا أبي لم تعد قلوب البشر كما كانت منذ تركتماني فيها وحدي ، الكل تغير لم يعد هناك رحمة أو مودة بين الناس ، صرنا وكأننا تماثيل من الشمع تتحرك وتأكل وتشرب وتنام ولكن لا تشعر ولا تعرف شفة أو رحمة ، لقد عانيت الأمرين بعد فراقكما


ـ لا تيأس يا بني من رحمة الله فما ذا الابتلاء حتى كثر الأجر، يا بني كن قريبا ً دائما ً من قلبك واجعل قلبك قريباً من الله، كما أننا لم نتركك يا بني فنحن دائما ً معك وبجوارك ، نحن دائما ً قريبين منك .


لقد جئنا بك إلى هذا المكان لأننا سمعنا نداء قلبك الحزين سمعنا بكائك وانت تردد بعض الكلمات الحزينة في نفسك ومنها أننا تركناك وحدك في هذا العالم ، يا بني نحن لم نتركك يا بني نحن في قلبك ومعاك دائما ً


ـ أبي، أمي، لقد اشتقت لكم كثيراً لا أتمالك نفسي من شدة الفرح لرؤياكم، يا ألله أشكرك يا ألله.


ـ بني ـ طفلي كم كبرت وصرت رجلا ً وسيم ، إني سعيدة جدا ً وفخورة بك ، أتذكرك وأنت تحتضنني وتبكي عندما كنت أغادر المنزل وأتركك بعض الوقت ، كم كنت سعيدة يا بني أنه رزقني الله بك ، وأنا سعيدة كل السعادة الآن برؤيتك ، كنت أشعر أنني أسعد الأمهات لأنك ابني طفلي الذي كنت أراه يكبر أمامي وكلما كبرت كلما ذادت سعادتي ، فلا تيأس يا بني نحن بجوارك دائما ً


ـ شكرا ً لكم لمساندتي ، لقد تمنيت كثيراً أن راكم ولو للحظات قليلة، يعلم الله كما أنا سعيد برؤيتكم فأنا أحتاج اليكم ، لم أعد هذا الانسان المبتسم دائماً قد صرت في الدنيا غريب لا أرى فيها غير الظلمة واليأس، كل من أأتمنه يخونني، وكل من أوفي له يطعنني ، حتى من أعطيه قلبي مليئاً بالحب والمودة يقسمه نصفين، لم أعد أرى في هذه الحياة ما يعينني على المسير فيها بخطى قوية قد صرت يا أبتاه ، يا أماه ضعيف خائف من كل من حولي وكل ما حولي، وصل بي الشك حتى في نفسي، أصبح الإحساس بداخلي شيئا ً ثقيل الوزن لا استطيع الحركة به وهو بداخلي ولا أستطيع العيش بدونه، دائمًا تقتلني حيرتي وخوفي ووحدتي.


ـ لا تبكي يا بني تمالك نفسك ولا تجعل اليأس صديقاً لك، كن كما عاهدناك مبتسم حتى وإن صار الحمل ثقيل والحزن كثير فبعد الضيق فرج، ولا تفكر انك الوحيد في الحياة من يشعر بالهم والضيق، كثيراً يا بني مثلك مع تشابه او اختلاف الأحداث ولكن النتيجة واحدة وهي الحزن، يا بني لا تحزن ولا تكتئب، كن كما كنت وتحلى بالأمل وتذكر رحمة الله ولا تيأس يا بني.
ـ شكرا ً لكما، كم أحبكم، ولكن لماذا لم تقولا لي ان لي أخ توأم .


ـ ليس لك اخوة يا بني فأنت ابننا الوحيد ـ نعم يا ولدي كما تقول أمك ليس لك اخوة انت ابننا الوحيد

ـ ولكن من هذا، أين ذهب لقد كان هنا منذ لحظات قبل مجيئكم ؟!

ـ لا يوجد أحد هنا يا بني !

ـ صدقوني لقد كان هنا يتكلم معي قبل مجيئكم !!.

ـ بني إن من كنت تتكلم معه ليس أخاك، أنت كنت تتكلم مع شخصك مع ذاتك، مع نفسك يا بني، فأنت علاقتك مع نفسك جيدة رغم حزنك وآلمك ، انت انسان جيد، فيك الإحساس والرحمة والحب لهذا لا تتخاصم مع نفسك كثيراً، ودائمًا ما تجلس تتحوار وتتكلم معها والصوت الذي جذبك إلى هنا هو صوتنا نحن يا بني، فقد شعرنا انك بحاجة إلينا وإلى التكلم معنا فجئنا اليك.


ـ ولكن يا أبي من أنا من أتيت إليكم !! مع أنني لا أتذكر كيف ذلك؟ لحظة، هل أنا ميت؟!


ـ لا يا بني انت لست ميت ونحن من جئنا إليك فأنت الآن في حلم ستستيقظ منه بعد ثواني


ـ ماذا، حلم !! لا لا، أرجوكم لا تتركوني مرة أخرى فأنا أريد أن أكون معكم، أنا مشتاقاً لكم وللجلوس معكم، لاحتضانكم، أبتاه أماه لا تتركاني أرجوكم فبداخلي كثيراً من الكلام وأنا لا أجد من يهتم بي مثلكم، فلا تتركوني وحدي.


ـ يا بني نحن دائمًا معك وبجوارك، نحن نشعر بما تريد قوله لنا، ما قلته وما لم تقله نحن بداخلك يا بني وقريبين منك عندما تصحو تذكر أننا نحبك وأننا نتمنى لك السعادة في الحياة ولا تيأس يا بني استيقظ الآن وانظر الى الحياة بنظرة أخرى وكن متفائلاً، وأمعن النظر فيمن حولك ستجد من يستحق حبك واحترامك وتقديرك، ومن لا يستحق اتركه ولا تعرفه ولا تقترب منه ولا تدعه يقترب منك، هذه هي الحياة وهيه هي الدنيا يا بني ليست كلها سعادة وليست كلها تعاسة وحزن حتى وإن كثر الحزن فناك دائمًا بصيص أمل، شعاع نور يهدينا في ظلمة حياتنا وليالينا المظلمة نتمنى لك يا بني السعادة في حياتك "نحبك يا بني".


ـ أبي، أمي ....... ماذا ماذا حدث، أنا في فراشي أكان ذلك حُلم !! أشعرا بي أبي وأمي فأتيا لي في حُلم ليساندوني وينصحوني ويكونان بجواري في حزني وهمي، رحمة من الله تعالى يشعرني بها بهذا الحُلم اذن لست وحدي في الحياة، شكراً لك يا ألله، شكراً لكما أبي وأمي .
                                      
                                                                                                                                إبراهيم سعيد
Ibrahim Said
تعليقان (2)
إرسال تعليق