إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية مواقع التواصل الاجتماعي بين الوهم والانحلال والإدمان

مواقع التواصل الاجتماعي بين الوهم والانحلال والإدمان

حجم الخط

| مواقع التواصل الاجتماعي بين الوهم والانحلال والإدمان |


(facebook, whatsapp, instagram, twitter)



عندما انقطعت خدمات مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت (فيسبوك facebook – واتساب whatsapp – انستجرام instagram) وتعطلت لساعات، ظهرت حقيقة مؤلمة، وهي أن ما وصلنا إليه من الانفصال الاجتماعي الحقيقي، وتمكُن مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تصل بين مستخدميها أكثر مما تُفرق وتُبعِد، من التحكم في وقتنا، ذلك الانفصال الاجتماعي الذي وصل إلى أبعد ما يكون من الفُرقة والابتعاد بين الناس في الواقع الحقيقي، والذي قد تغلغل في العالم عامةً وفي مجتمعنا العربي خاصةً

انقطاع وتعطل مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك facebook - انستجرام instagram - واتساب whatsapp)


وهنا تكمُن المشكلة الكبيرة والعويصة، وهي ابتعادنا عن بعضنا البعض وارتباطنا بمواقع يمكن أن تختفي في لحظة لأي سبب من الأسباب، كما حدث أمس عندما توقفت مواقع التواصل الاجتماعي (Facebook, WhatsApp, Instagram) وأكثركم يعرف الآن الدرجة التي وصلنا إليها، وأقصد هنا الأشخاص المتعلقون بتلك المواقع بصورة لا غنى عنها يومياً بل لحظياً، فأغلبنا الآن قد أدمن تلك المواقع التي إن أمعنا النظر فيها جيداً لوجدناها وسيلة وسلاح ذو حدين، فمن ناحية يمكن استخدام تلك المواقع بصورة إيجابية كبيرة، كالتواصل بين الأصدقاء والزملاء حين يكون المانع هو بُعد المسافة الكبيرة محلياً أو دولياً، وأيضاً انجاز العمل بسرعة كبيرة عن طريق تلك المواقع وذلك باستخدامها وسيلة للاتصال والإرسال والاستقبال للأعمال المطلوبة، كما ان تلك المواقع بيئة ووسيلة ممتازة للتكلم بحرية وبدون قيود ومشاركة الآراء، ومن ناحية أخرى نجد ان السلبيات تتخطى الإيجابيات بكثير، وذلك بسبب الاستخدام الغير صحيح لتلك المواقع، ومن تلك السلبيات؛ نسيان الواقع الحقيقي والعيش في ذلك الواقع الافتراضي فنترك الحقيقة ونعيش في ذاك الوهم الذي نبني فيه حياة افتراضية غير واقعية تصبح إدمان من الصعب تركه أو الشفاء منه، وأيضاً من السلبيات الكبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي هو بث الأخبار الكاذبة، ونشر السموم الفكرية في عقول الضعفاء فكرياً ونفسياً، ونشر الفساد الديني والأخلاقي في صور متعددة، كنشر أفكار غير صحيحة دينياً تسبب زعزعة الإيمان في نفوس ضعفاء النفوس، ونشر الفيديوهات والصور الخادشة للحياء والإباحية والجنسية، بصورة واضحة تكاد تكون في كل ركن من أركان مواقع التواصل الاجتماعي، تلك المواقع التي أصبحت مركزاً لنشر كل ما هو سيء وفاسد، مُغلفاً في صورة التواصل الاجتماعي، الذي أصبح لا وجود له في ذاك الواقع الافتراضي، الذي أصبح يملئه الفساد، مليئاً بالسموم الفكرية والنفسية والدينية والأخلاقية.

ونرى في تلك المواقع العجب العُجاب، من فنانين وفنانات لا ينطقون إلا بكل ما هو بذيء ومخالف دينياً وأخلاقياً واجتماعياً، فأصبحوا هؤلاء الفاسدين، الجهلاء، عديمي الأخلاق والحياء، واعظين كاذبين، لا يعرفون للحقيقة أي طريق، فارقوا الحياء والأخلاق بلا رجعة، والإعلامين الذين يتقنون الكذب ولا ينطقون إلا به، حتى أصبح كل كلامهم كذب ونفاق وتضليل ومخالفة صريحة للحقيقة التي لا يعرفون ماهيتها.

ومن أكبر النتائج السيئة التي تحدث من استخدام تلك المواقع، هو تلك الأجيال المدمنة لتلك المواقع والتي بإدمانها لها، أدمنت فسادها الأخلاقي والديني.

أجيال ونشئ أصبح منحل عن كل ما هو جيد ومفيد وأخلاقي، فأصبح المجتمع في حالة انحلال كبير، اجتماعياً، ودينياً، وأخلاقياً، ومع مرور الوقت أصبح أكثر شباب وفتيات مجتمعنا العربي في حالة يُرثى لها في كل شيء.

وإن كنا نريد أن نُشفى من مرض الانفصال عن الواقع الحقيقي وإدمان مواقع التواصل الاجتماعي، يجب علينا جميعاً أن نهتم بالعلاقات الاجتماعية الحقيقية على أرض الواقع كما كنا سابقاً، نهتم بالمودة وصلة الرحم بأهلنا وأقاربنا وأصدقائنا، يجب أن نهتم بالتواصل الاجتماعي الحقيقي لا المزيف الذي يتغلغل في تلك المواقع.

يجب ان لا تُلهينا تلك المواقع عن الاهتمام بديننا، وأسرنا، وعائلتنا، ولا تؤثر على تفكيرنا، وأخلاقنا التي تُميزنا بين شعوب العالم، والتي أخذ الكثيرون منهم يتعلمون تعاليمنا الطيبة، ومبادئنا السليمة، وأخلاقنا السامية، وأخذوا يَبثُون فينا سمومهم وأفكارهم عن طريق شبكة الانترنت، على مختلف المواقع المختلفة التي تحمل مسمى (مواقع التواصل الاجتماعي).

ويجب أن نُمعن النظر، ونأخذ جيداً بعين الاعتبار ما حدث أمس من انفصالنا عن تلك المواقع فجأة وكيف شعرتم جميعاً يا من تتعلقون بتلك المواقع، تعلق المدمن بإدمانه، فقد أوضح ذلك العطل وانفصالنا عن تلك المواقع لساعات بغير إرادتنا ما وصلنا إليه، وما وصل إليه مجتمعنا وشبابنا وفتياتنا من تعلق تام بتلك المواقع، تاركين الواقع الحقيقي، متمسكين بواقع افتراضي، أغلب محتواه لا يمد للواقع بصلة.

ولنجعل ما حدث أمس من انفصال لا إرادي عن تلك المواقع، درس كبير نتعلم منه أهمية العيش في الواقع الحقيقي، والتواصل الاجتماعي في الواقع الحقيقي، والاهتمام بأشياء كثيرة نُهملها ولا نُعطيها حقها الذي تستحقه منا، ولنضع أمام أعيننا تلك الحقيقة التي تجلت أمامنا، ولنجعلها تذكير كبير لنا بأن الواقع الافتراضي المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، ما هو إلا وسيلة يجب استغلالها والاستفادة منها، والتمسك بالإيجابيات التي يمكننا أن نحققها فيها، والتخلي عن السلبيات التي تُبيد ملامح مجتمعنا العربي، وتُزهق أخلاقنا ومبادئنا، وتنشر السموم في أفكارنا، وتُغير في ديننا وشريعتنا الإسلامية السمحة التي تُحيينا وتنقذنا من براثن الوحوش البشرية وغياهب الفساد الطاغي الذي يتغلغل في مجتمعنا قاتلاً كل ما هو جيد ومفيد وقيِّم.

فلنبدأ من الآن، ولنضع قيمة كل شيء على حسب أهميته في حياتنا، فلا يتحكم فينا وهم، ولا توجهنا عقولاً لا تنتمي إلينا، فلنرشد بعضنا البعض، ولنرجع إلى الوراء بعض الشيء حينما كنا نتحلى بالود والمودة والتواصل الحقيقي لا المزيف، ولنأخذ خير الأمور، ونترك شروراً نحن نشعر بها جيداً، ونعيها، ونراها، ونسمعها، في كل ما يُعرض أمامنا على وسائل التواصل الاجتماعي في الواقع الافتراضي.


إبراهيم سعيد
Ibrahim Said

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق