إعلان الرئيسية

(مُعَانَاة)


هذا ما جَنيتُ يا صديقي لقاء طيبتي وإحساسي بغيري فأنا ذاك الإنسان الذي تدمع عينيه لبكاء الأخرين وأحزانهم، ورغم كل ما عشته من مواقف كثيرة أغلبها لم يكن له رداً حسن على أي فعل جيد قمت به من أجل أحد، فدائماً ما يكون الرد على إحساسي بغيري هو العكس.

ومن أسوء تجاربي في الحياة، تلك الفتاة التي من أجلها ضحيت بسعادتي واستمريت في الضغط على نفسي وعلى مشاعري من أجلها، ليس من أجل حبي لها فأنا لم أُحبُها يوماً ولم أشعر بأي مشاعر نحوها سوى الشفقة.

تلك الفتاة التي أحبتني وتعلقت بي حتى أنني خفت أن أتركها يوماً فأتسبب لها في صدمة كبيرة، وكلما حاولت أن أبتعد لم أستطع الابتعاد من أجلها ومن أجل خوفي عليها من نفسها ومن لوم الناس لها.

أخفيت مشاعري داخلي ولم أبُح بها يوماً بل أنني زيفت مشاعر حُبٍ واشتياق من أجلها، من أجل ان لا تشعر ولو للحظة بحقيقة مشاعري نحوها، وهي أنني لم أُحِبُها.

أجبرني إحساسي وأجبرتني طيبتي على أن أظلم نفسي وأقمع داخلي صوت إحساسي الذي لم أدعه يخرج ويظهر لها يوماً، حتى لا ترى الحقيقة على ملامح وجهي، ذاك الوجه المستعار الذي كان يحمل تلك النظرات والابتسامات الكاذبة من أجلها.

وضغطت على نفسي بشدة وبقسوة مُسبباً لنفسي ولقلبي ألماً لا تصفه الكلمات.

ومرت الأيام وتزوجتها، ذاك الخطأ الذي سأظل نادماً عليه ما حييت

قد كان أملي الوحيد أن يوُلد حباً لها داخلي مع مرور الوقت بعد زواجي بها، وكان أكثر الأشياء التي جعلتني أتحلى بهذا الأمل الكاذب هو حبها لي ومدى ارتباطها بهذا الحب الذي كنت أراه في كل تصرفاتها، في نظراتها ولمساتها، ليس فقط كلامها معي واعترافها لي بهذا الحب في كل لقاءٍ جمع بيننا، فاطمئن قلبي بعض الشيء متمسكاً بأمل صغير تخيلته معها ووجدته وهماً كبير عرفته جيداً بعد زواجي بها.

ظهرت أمامي أشياء لم أتخيلها أبداً، رأيت حياتي معها كابوس لا نهاية له ولا صحوة منه

هذه الفتاة التي تخيلت يوماً أن حبها لي سيجعلني سعيداً بسعادتها، فقد كنت أكبر طموحاتها وأكثر ما تتمنى يوماً الحصول عليه.

تزوجتها لأجد إنسانة كبيرة بعقل طفلة صغيرة، ولا أقصد بعقل طفلة صغيرة تلك البراءة التي نراها في أطفالاً صغار، بل هذا العقل الصغير الذي لا يُفرق بين الأمور الصحيحة والخاطئة، بين ما يجب وما لا يجب.

تلك الفتاة التي وجدتها لا تعرف أي معنى عن تحمل المسئولية، فهي أشبه بالأطفال الذين يُريدون الشيء باستماتة، وبعد الحصول عليه يملون منه ويصبح بالنسبة لهم بلا قيمة بل ويمكن استبداله بأَّخر، فالحياة الزوجية بالنسبة لها، حملاً ثقيل لا تستطيع تحمله، لا تستطيع ولا تقبل أن تُعامَل معاملة الكبار.

وجدتها أبعد ما يكون عما تأملت وتخيلت، وجدتها لم تستحق شيئاً مما عانيته من أجلها، والأدهى والأمّر معاملتها الباردة وجفائها الشديد ونكرانها للمعروف.

تلك الفتاة التي ظنت أني العاشق الولهان، ولم تعرف ولم تشعر يوماً أنني لم أُحِبُها ولم أتزوجها عن حب، بل تزوجتها شفقةً مني عليها، وخوفاً عليها من صدمة الرفض ولوم الناس وكلامهم السيئ.

ورغم معاملتها السيئة وأخطائها الكثيرة وعدم مسئوليتها وعدم تقييمها للأمور بشكل صحيح كأي زوجة تقف بجانب زوجها تُظهِر جانبه الحسن وتُخفي السيء، بل كانت تختلق المشكلات ولا تتغاضى عن أي هفوة بسيطة وكأنها عملاً أسود يقف لصاحبه حائلاً بينه وبين السعادة والراحة.

رغم كل ذلك تحملت وصبرت عليها أملاً وتفاؤلاً مني مرة أخرى أن تتغير، ولكن هيهات هيهات

فهي تلك الفتاة التي لا تتغير مُطلقاً، ويمكن لها في لحظة غضب أن تفقد أغلى ما يكون في حياتها، أغلى الأشياء وأثمنها التي يُمكن أن تحصُل عليها يوماً والتي لا يمكن تعويضها.

خسرتُ من عمري ومن مشاعري، تحملت وتحاملت على قلبي من أجل إنسانة لم أُحِبُها يوماً، تحملت من أجلها وخسرت من أجلها الكثير وفي النهاية جعلتني أظهر أمام الناس بأسوء ما يكون أسوء الصفات وأقبحها، تكلمت عني في غيابي بالكذب والافتراء!........ هذا هو رد المعروف!

ردت خيري بشر وحلوي بمر، ردت كل شيءٍ فعلته وكل ما تحملته بالعكس.

تركتها وأنا أُشفق على نفسي مما اقترفته في حقي، في حق مشاعري، في حق عقلي الذي لم استمع إليه حين نبأني ونهاني عنها ولم أستمع له خوفاً عليها وحرصاً مني على سعادتها.

لم أستمع لبعض الناس الذين لاحظوا الفرق بيني وبينها وأنها لا تُناسبني، لم أُصغي إلى هذه الإشارات التي كانت تُنبهني وتظهر أمامي بين الحين والأَخر، فمنذ أن قابلتُها وعرفتُها وكل شيءٍ في الحياة يُعاندُني، فبعد أن عرفتُها لم أذُق أي طعماً للسعادة والفرح وراحة البال، ولم أخلو أبداً من الأحزان.

هذه هي تجربتي المريرة يا صديقي

هذه هي مُعاناتي، تلك المُعَانَاة التي شوهت مشاعري.

فإن كنت تُريد نَصِيحَةٌ ثَمينَةً مني؛ لا تُجبر قلبك يوماً على الحياة مع إنسان لا تبادله مشاعر الحب، وتذكر أن في أيامنا هذه كثيراً ما يُرد المعروف بالنُكران والسوء، اعمل الخير والمعروف ولكن ليس على حساب سعادتك وراحة قلبك.

لا تكن مثلما كنت أنا " أحمقاً "، أخطئت في حق نفسي كثيراً حتى وصل بي الأمر بأن أعيش مع إنسانة لم أُحِبُها قط، فقط من أجلها ويا ليتني ما فعلت، ولكن الله مُطَّلع على كل شيء، فما فعلتَهُ من خيراً معها وما فعلَّتهُ هي من نُكران للمعروف وظلماً لي هو عند الله وسيجازيها بما فعلت.

الحياة مليئة بالمفاجآت، وكانت هذه أكبر وأسوء مفاجآتها لي حتى الآن. 

ولكن ليس هناك ما يُقال سوى (الحمد لله على كل حال).



قصة بقلم؛  
إبراهيم سعيد
Ibrahim Said
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق