حين يغيب الضمير وتختفي ملامح المشاعر الإنسانية ويصبح الحياء عبئ ثقيل يُلقيه الإنسان بعيداً عنه، لا تندهش إذا رأيت أن الحق أصبح باطلاً والباطل حق، فحينها اعلم انك في زمناً غابت عنه الأخلاق وأصبحت ملامح الإنسان ملامح كاذبة تُخفي خلفها عكس ما تُظهر.
أصبحنا الآن ولا جِدال في ذلك في (زمن التناقُضات) الشيء وعكسه في آن واحد.
أصبحنا وطناً وبلداً تقتسمه وتعتصره المصالح الشخصية التي من أجلها يُباح ما حُرِم ويُحرَم ما أُبيح.
من يتولى منصباً لا يراعي الله تعالى فيه وفيما فُرض عليه من مسئوليات وواجبات حين تسلم ذلك المنصب سواء كان منصباً صغيراً أو كبير.
فقديماً حينما كانت الضمائر ما زالت بخير، كنا لا نرى ولا نسمع ولا نعيش ما نراه ونسمع به ونعيشهُ ونُعاصره من تلك الأشياء التي لا نرى فيها سوى البؤس والشقاء، والشر الذي طغى على الخير وعلى إنسانيتنا وضمائرنا وقلوبنا التي لم تعد بخير بعد الأن، تلك الأمور والاحداث التي إن أمعنا النظر فيها لوجدنا أن الحياة لم تعد كما كانت، بل لم تعد حياة مُطلقاً!.
أصبحنا في زمن الوعود الكاذبة، الوعود وما أكثر الوعود التي قيلت وتُقال وستُقال، وما أكثر الكلام الذي تُزينهُ الأكاذيب والوهم، هذه هي الحقيقة المُرة التي نتهرب منها دائما.
في زمن التناقضات لا تندهشوا يا من تحملون بداخلكم قلوب تنبض بالمشاعر الإنسانية والآدمية، لا تندهشوا من زمناً فاسد تحميه قوانين خاطئة تحت شعار حرية الرأي والتعبير، ومناقشة القضايا، كلها شعارات كاذبة.
في (زمن التناقُضات) نشاهد ونرى العجب العُجاب، نرى فنًا هابط بكل ما تحمله الكلمة، أي فناً ذاك الذي يفسد أكثر مما يُصلح، أي فناً ذاك الذي لا حياء فيه، وأي حرية تلك التي تؤذي وتخدش وتُفسد حياء المجتمع والشباب والنساء والأطفال، أي فناً ذاك الذي هو بلا مضمون ولا أهداف سوى المال والشهرة.
أصبحت حرية الرأي ما هي إلا فرض الرأي على الرأي الآخر، ونشر الفساد وزَرعِه وبِثه في روح المجتمع.
أصبحنا نُعاني الكثير والكثير من المشكلات الأخلاقية في بيئة فاسدة لا يوجد بها أخلاق ولا حياء، بيئة بلا فن نظيف أو موسيقى ترقى بها المشاعر، أو ضمائر تتقي الله في غيرها من الناس المستضعفين وأصحاب الحقوق.
الكلام عن ما نعانيه من فساد أخلاقي وضمائري أكبر بكثير من أن يتلخص في موضوع واحد وبعض الكلمات القليلة، أنظروا حولكم ستجدون الفساد في كل شيء حولنا، فقد كثُرت الأقنعة والوجوه الكاذبة والضمائر الفاسدة، أصبح الحياء صفة غير مرغوب فيها والأخلاق والقيم صفات الضعفاء هذا ما وصلنا إليه في (زمن التناقُضات).
وأذكركم بقول الله تعالى ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾
صدق الله العظيم
وفي النهاية هذه وجهة نظري فيما نعيشهُ ونراه في هذه الأيام وقد أحببت مشاركتكم بها.
تحياتي لحضراتكم جميعاً
إبراهيم سعيد
Ibrahim Said